عبد الواحد البصري

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عبد الواحد البصري

ثقافه عامه


    زلزال في‮ ‬البيت الهادئ

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 416
    تاريخ التسجيل : 14/01/2009

    زلزال في‮ ‬البيت الهادئ Empty زلزال في‮ ‬البيت الهادئ

    مُساهمة  Admin الإثنين مارس 16, 2009 2:07 am


    14/03/2009
    <table style="BORDER-TOP-WIDTH: 0px; BORDER-LEFT-WIDTH: 0px; FLOAT: left; BORDER-BOTTOM-WIDTH: 0px; BORDER-RIGHT-WIDTH: 0px" width="26%" border=0><tr><td style="BORDER-RIGHT: medium none; BORDER-TOP: medium none; BORDER-LEFT: medium none; BORDER-BOTTOM: medium none">
    زلزال في‮ ‬البيت الهادئ 20090314023731_AccidentsPhoto2</TD></TR></TABLE>


    داخل شقة متواضعه بالمساكن الشعبية بساقية مكي‮ - ‬كانت الأسرة تنعم بالسعادة والهناء رغم بساطة العيش‮- ‬الأسطي‮ ‬عبدالمنعم سائق التاكسي‮ ‬المكافح وزوجته أماني‮ ‬وأطفالهما الثلاثة الصغار‮.. ‬ولأن دوام الحال من المحال كشرت لهم الدنيا فجأة عن أنيابها‮.. ‬حدث هائل زلزل البيت الهادئ وهز القلوب عندما سقط رب الأسرة إثر أزمة قلبية لم تمهله طويلا‮.. ‬فارق الحياة وسط ذهول الزوجة وأطفالها الثلاثة‮. ‬لم تصدق الزوجة أنها صارت وحيدة أمام أعاصير الحياة وقد قسوتها فقد كان الراحل هو السند الوحيد للأسرة،‮ ‬رحل فجأة ولم‮ ‬يترك لهم‮ ‬غير الستر والسمعة الطيبة وثلاثة من الأطفال لم‮ ‬يشبوا عن الطوق بعد فلم‮ ‬يتعد عمر اكبرهم الثماني‮ ‬سنوات‮.‬ كان الأسطي‮ ‬عبدالمنعم في‮ ‬عداد طائفة الأرزوقية‮ ‬يعمل بقوت‮ ‬يومه كسائق تاكسي‮ ‬لدي‮ ‬صاحبه‮. ‬لهذا دارت الدنيا برأس الزوجة الأرملة فهي‮ ‬ربة بيت لا تدري‮ ‬عن الدنيا‮ ‬غير شئون بيتها والعمل علي‮ ‬رعاية أطفالها الصغار‮.. ‬اثنان بالمدرسة الابتدائية وطفل لم‮ ‬يتعد من العمر الثلاث سنوات‮.‬ عرفت الاحزان طريقها الي‮ ‬قلب الزوجة الملكومة،‮ ‬فاختل ميزان بيتها وبقي‮ ‬الخيار الصعب وهي‮ ‬لاحول لها ولا قوة والمواجهة صعبة وقاتلة أمام متطلبات بيتها وأطفالها الصغار،‮ ‬اسودت الدنيا في‮ ‬عيني‮ ‬الأم واختلطت الحسابات في‮ ‬رأسها،‮ ‬وكأنها تعيش كابوساً‮ ‬مزعجا حتي‮ ‬توصلت إلي‮ ‬فكرة راودتها للخلاص من الموقف الصعب الذي‮ ‬أوقعها فيه حظها العاثر،‮ ‬تخيلت أنه السبيل الوحيد لتدبير نفقات بيتها،‮ ‬ولماذا لا تخوض تجربة البيع والشراء في‮ ‬سوق الملابس الجاهزة والبطاطين والأجهزة الكهربائية،‮ ‬علي‮ ‬أن تكون البداية بشراء بضائعها من باعة الجملة بنظام التقسيط المريح والمعروف التزامهم باضافة فوائد تصل نسبتها الي‮ ‬40٪‮ ‬مع التوقيع علي‮ ‬شيكات وايصالات امانة لضمان حقوقهم‮.. ‬وفور الحصول علي‮ ‬البضائع تبادر ببيعها لزبائنها من الجيران علي‮ ‬أن تتقاضي‮ ‬الثمن نقدا تتدبر به نفقات بيتها‮..!!‬ لم تتردد أماني‮ ‬راحت الي‮ ‬تجار الجملة وحصلت علي‮ ‬بضائعها ووقعت علي‮ ‬الشيكات وايصالات الأمانة وانتعش حال بيتها واعتدل ميزان البيت‮.. ‬خمس سنوات من الرخاء الي‮ ‬أن افاقت فجأة علي‮ ‬الكارثة عندما حوصرت بالدائنين وأدركت الخطأ في‮ ‬حساباتها‮!! ‬انساها المال منطق السوق دون وعي‮ ‬بالعواقب الوخيمة التي‮ ‬تتربص بها‮!! ‬راح الدائنون‮ ‬يدقون ابواب بيتها ليل نهار ويتهددونها بالسجن،‮ ‬وعندما حاولت تدارك الموقف كان الأوان قد فات لتكتشف أنها مدينة لأصحاب البضائع بما‮ ‬يقرب من الـ‮ ‬400‮ ‬الف جنيه بينما هي‮ ‬لا تحتكم الا علي‮ ‬بضع مئات من الجنيهات فأدركت أنها لا محالة سوف تدخل الي‮ ‬السجن فهي‮ ‬في‮ ‬مواجهة احكام قضائية تقضي‮ ‬بحبسها عشرات السنين‮.. ‬وذات صباح استيقظ اطفالها الثلاثة من نومهم ولم‮ ‬يجدوا للأم أثرا بالبيت،‮ ‬وطال انتظار الأولاد لعودة الأم دون جدوي،‮ ‬خرج الصغار‮ ‬يبحثون عن الأم‮ ‬يشاركون البعض من الجيران ولم‮ ‬يجدوا لها أثرا‮ -‬راحوا‮ ‬يجوبون المنطقة والمناطق المجاورة والمستشفيات وأقسام الشرطة وكأن الارض انشقت وابتلعتها‮.. ‬مرت الأيام والشهور حتي‮ ‬اكتمل العام وصار الاطفال في‮ ‬مهب الريح محمد عبدالمنعم‮ ‬15‮ ‬سنة بالسنة الثالثة الاعدادي‮ ‬وصبحي‮ ‬14‮ ‬سنة بالثانية الاعدادي‮ ‬ثم صغيرهم شافعي‮ ‬10‮ ‬سنوات بالرابع الابتدائي‮ - ‬وكانت عناية الله معهم لم‮ ‬ينحرف الصغار،‮ ‬بات كبيرهم محمد هو رب الأسرة بينما لم‮ ‬ينقطع عن مواستهم‮ ‬يوما بل صار متفوقا بين زملائه،‮ ‬لم‮ ‬يستسلم لنوايا قرناء السوء ولا‮ ‬يعلم‮ ‬غير الله كيف تدبر الصغار أمور بيتهم في‮ ‬غياب الأب والأم ولم تنقطع مساعدات الجيران وجميعهم من بسطاء الناس،‮ ‬تجلي‮ ‬التكافل الاجتماعي‮ ‬حتي‮ ‬أن جارتهم عزة محمد علي‮ ‬التي‮ ‬تعمل محامية راحت تبذل الجهد في‮ ‬محاولة للدفاع عن الزوجة الهاربة لمحاولة جدولة ديونها حتي‮ ‬فوجئت بالحقيقة المرة‮ - ‬الأم أماني‮ ‬عبدالله تواجه‮ ‬15‮ ‬حكما قضائيا بالحبس لما‮ ‬يزيد علي‮ ‬الـ‮ ‬20‮ ‬عاما في‮ ‬شيكات بدون رصيد،‮ ‬بينما الأطفال في‮ ‬مهب الريح امام تزايد متطلبات البيت وضيوف‮ ‬غير مرغوب فيهم من رجال تنفيذ الاحكام بقسم الجيزة لاينقطعون عن دق بابهم بينما الصغير شافعي‮ ‬يتساءل امام كل من‮ ‬يقابله والدموع في‮ ‬عينه ماما فين‮ ‬يا عمو‮... ‬أنا خايف تكون ماما راحت لبابا ومش راجعة تاني .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 12:54 am